روى الطبرى قال
قال بعث أبو بكر العلاء بن الحضرمي على قتال أهل الردة بالبحرين فلما أقبل إليها فكان بحيال اليمامة لحق به ثمامة بن أثال في مسلمة بني حنيفة من بني سحيم ومن أهل القرى من سائر بني حنيفة وكان متلددا وقد ألحق عكرمة بعمان ثم مهرة وأمر شرحبيل بالمقام حيث انتهى إلى أن يأتيه أمر أبي بكر ثم يغاور هو وعمرو بن العاص أهل الردة من قضاعة فأما عمرو بن العاص فكان يغاور سعدا وبليا وأمر هذا بكلب ولفها فلما دنا منا ونحن في عليا البلاد لم يكن أحد له فرس من الرباب وعمرو بن تميم إلا جنبه ثم استقبله فأما بنو حنظلة فإنهم قدموا رجلا وأخروا أخرى وكان مالك بن نويرة في البطاح ومعه جموع يساجلنا ونساجله وكان وكيع بن مالك في القرعاء معه جموع يساجل عمرا وعمرو يساجله وأما سعد بن زيد مناة فإنهم كانوا فرقتين فأما عوف والأبناء فإنهم أطاعوا الزبرقان بن بدر فثبتوا على إسلامهم وتموا وذبوا عنه وأما المقاعس والبطون فإنهما أصاخا ولم يتابعا إلا ما كان من قيس بن عاصم فإنه قسم الصدقات التي كانت اجتمعت إليه في المقاعس والبطون حين شخص الزبرقان بصدقات عوف والأبناء فكانت عوف والأبناء مشاغيل بالمقاعس والبطون فلما رأى قيس بن عاصم ما صنعت الرباب وعمرو من تلقي العلاء ندم على ما كان فرط منه فتلقى العلاء بإعداد ما كان قسم من الصدقات ونزع عن أمره الذي كان هم به واستاق حتى أبلغها إياه وخرج معه إلى قتال أهل البحرين وقال في ذلك شعرا كما قال الزبرقان في صدقته حين أبلغها أبا بكر
وكان الذي قال الزبرقان في ذلك ...
وفيت بأذواد الرسول وقد أبت ... سعاة فلم يردد بعيرا مجيرها ...
معا ومنعناها من الناس كلهم ... ترامي الأعادي عندنا ما يضيرها ...
فأديتها كي لا أخون بذمتي ... محانيق لم تدرس لركب ظهورها ...
أردت بها التقوى ومجد حديثها ... إذا عصبة سامى قبيلى فخورها ...
وإني لمن حي إذا عد سعيهم ... يرى الفخر منها حيها وقبورها ...
أصاغرهم لم يضرعوا وكبارهم ... رزان مراسيها عفاف صدورها ...
ومن رهط كناد توفيت ذمتي ... ولم يثن سيفي نبحها وهريرها ...
ولله ملك قد دخلت وفارس ... طعنت إذا ما الخيل شد مغيرها ...
ففرجت أولاها بنجلاء ثرة ... بحيث الذي يرجو الحياة يضيرها ...
ومشهد صدق قد شهدت فلم أكن ... به خاملا واليوم يثنى مصيرها ...
أرى رهبة الأعداء مني جراءة ... ويبكي إذا ما النفس يوحى ضميرها ...
وقال قيس عند استقبال العلاء بالصدقة ...
ألا أبلغا عني قريشا رسالة ... إذا ما أتتها بينات الودائع ...
حبوت بها في الدهر أعراض منقر ... وأيأست منها كل أطلس طامع ...
وجدت أبي والخال كانا بنجوة ... بقاع فلم يحلل بها من أدافع ...
فأكرمه العلاء وخرج مع العلاء بن عمرو وسعد الرباب مثل عسكره وسلك بنا الدهناء حتى إذا كنا في بحبوحتها والحنانات والعزافات عن يمينه وشماله وأراد الله عز و جل أن يرينا آياته نزل وأمر الناس بالنزول فنفرت الإبل في جوف الليل فما بقي عندنا بعير ولا زاد ولا مزاد ولا بناء إلا ذهب عليها في عرض الرمل وذلك حين نزل الناس وقبل ان يحطوا فما علمت جمعا هجم عليهم من الغم ما هجم علينا وأوصى بعضنا إلى بعض ونادى منادي العلاء اجتمعوا فاجتمعنا إليه فقال ما هذا الذي ظهر فيكم وغلب عليكم فقال الناس وكيف نلام ونحن إن بلغنا غدا لم تحم شمسه حتى نصير حديثا فقال أيها الناس لا تراعوا ألستم مسلمين ألستم في سبيل الله ألستم أنصار الله قالوا بلى قال فأبشروا فوالله لا يخذل الله من كان في مثل حالكم ونادى المنادي بصلاة الصبح حين طلع الفجر فصلى بنا ومنا المتيمم ومنا من لم يزل على طهوره فلما قضى صلاته جثا لركبتيه وجثا الناس فنصب في الدعاء ونصبوا معه فلمع لهم سراب الشمس فالتفت إلى الصف فقال رائد ينظر ما هذا ففعل ثم رجع فقال سراب فأقبل على الدعاء ثم لمع لهم آخر فكذلك ثم لمع لهم آخر فقال ماء فقام وقام الناس فمشينا إليه حتى نزلنا عليه فشربنا واغتسلنا فما تعالى النهار حتى أقبلت الإبل تكرد من كل وجه فأناخت إلينا فقام كل رجل إلى ظهره فأخذه فما فقدنا سلكا فأرويناها وأسقيناها العلل بعد النهل وتروينا ثم تروحنا وكان أبو هريرة رفيقي فلما غبنا عن ذلك المكان قال لي كيف علمك بموضع ذلك الماء قلت أنا من أهدى العرب بهذه البلاد قال فكن معي حتى تقيمني عليه فكررت به فأتيت به على ذلك المكان بعينه فإذا هو لا غدير به ولا أثر للماء فقلت له والله لولا أني لا أرى الغدير لأخبرتك أن هذا هو المكان وما رأيت بهذا المكان ماء ناقعا قبل اليوم وإذا إداوة مملوءة فقال يا أبا سهم هذا والله المكان ولهذا رجعت ورجعت بك وملأت إداوتي ثم وضعتها على شفيره فقلت إن كان منا من المن وكانت آية عرفتها وإن كان غياثا عرفته فإذا من من المن فحمد الله ثم سرنا حتى ننزل هجر
المصدر: تاريخ الطبرى
No comments:
Post a Comment