ماكسمليان روبسبير - سفاح الثورة الفرنسية
ولد روبسبير عام 1758 في آراس وترعرع فيها لأم ماتت وعمره ست سنوات وأب عاطل عن العمل ومبذر. لهذا اتسمت حياته بمسحة حزينة، متزمتة وغيورة. "رجلٌ، لم يمر بمرحلة الشباب"، كما كتبت شقيقته ذات مرة عنه. إلا إنه كان ذكياً، وأُختير من بين جميع نظرائه الطلبة ليلقي خطاب تتويج لويس السادس عشر عام 1775.
تعلم في باريس بكلية الحقوق، ولم يلبث أن أصبح متعصبا للنظريات والأفكار الاجتماعية للفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو.
إلا أنه تنكر لهذه المبادئ عندما قامت الثورة الفرنسية وأعدمت الملك لويس السادس عشر وزوجته ماري انطوانيت.
انتخب روبسبير نائبا لرئيس مجلس الطبقات، الذي اجتمع عام 1789 م عشية اندلاع الثورة الفرنسية، ثم التحق بالجمعية التأسيسية الوطنية (المكونة من ممثلي الشعب)، حيث لمع نجمه ولفتت خطبه وأحاديثه البارعة الأنظار إليه.
برر روبسبير الإعدامات التي جرت في أعقاب الثورة من قبل " الغوغاء " من دون محاكمات قانونية، وكمتطرّف وصفها "بالقضاء الشعبي". وفي الوقت نفسه، أخذ روبسبير يدعو إلى توفير حرية تامة للصحافة على النموذج الأميركي، وحرية دينية أكثر مما تم النقاش حوله في الإعلان الجديد للحقوق. ومع أنه لم يكن جمهورياً بشكل علني، عارض روبسبير بشدة قرار الجمعية القاضي باقتصار حق الانتخاب على ما كان يسمى "المواطنون النشيطون" من دافعي الضرائب. أراد روبسبير بهذا مساعدة ما يقرب من تسعة وثلاثين بالمائة من السكان الذكور، ممن حرموا حق الانتخاب. ثم استمرّ في محاججاته حول حقوق مجاميع أُخرى مثل الفنانين والهنود الغربيين الذين كانوا يعيشون تحت الحكم الكولنيالي الفرنسي. أما زواج القساوسة فقد كان موضوعاً "ليبرالياً" آخر يسجل لصالحه. وعارض بشدة وبلهجة حادة عقوبة الإعدام قائلاً عنها: "إن عملية سلخ المنتصر لرؤوس أسراه هو عمل يتصف بالبربرية. إن من يذبح طفلاً ضالاً يمكن إصلاحه ومعاقبته فهو أمرؤ وحشي".
في عام 1790 انتخب رئيسا لحزب سياسي اليعاقبة، وازدادت شعبيته كعدو للملكية ونصير للإصلاحات الديمقراطية. وعقب سقوط الملكية في فرنسا عام 1792 انتخب روبسبير أول مندوب لباريس للمؤتمر القومي الذي ألح فيه على مطلب إعدام الملك لويس السادس عشر وعائلته وهو ما تحقق عام 1793. وسرعان ما انتخب روبسبير عضوا في الهيئة التنفيذية العليا ولجنة السلامة العامة.
كان اسم 'ميرابو' قد برز بين الناس عندما قال لمندوب الملك، وهو في الجمعية الوطنية قل لسيدك الملك نحن هنا بأمر الشعب، ولن نتزحزح من أماكننا إلا علي أسنة الرماح!!
وعندما حاولت الملكيات في أوروبا أن تنقذ الملك لويس السادس عشر، أسرعت الثورة بالقبض علي الملك الذي حاول الهرب مع زوجته وإعدامها! وأعلنت الجمهورية سنة 1792م.
استطاع المتطرفون من اليعاقبة (حزب الجبل) السيطرة علي الأمور، وكان روبسبير قد دخل هذا الحزب، ثم استطاع أن يسيطر عليه ويصبح هو الحاكم الحقيقي لفرنسا!
ورغم أنه كان نحيل الجسد، صغير الجسم، إلا أنه كان خطيبا مفوها يستطيع أن يسيطر علي الجماهير بحسن إلقائه وبالشعارات التي يطلقها.
في غضون ذلك ازدات الإعدامات، حتى وصل عدد المعدومين إلى ستة آلاف شخص في ستة أسابيع،
في السابع من سبتمبر (أيلول) 1794 صدر قانون "التشكيك" المرعب، فيما المقصلة آخذة بقطع رقاب الناس. كان هذا القانون ينص على أن الأشخاص يمكن أن يتعرضوا الآن إلى الاعتقال والمعاقبة بالموت بسبب إما "تصرفاتهم، علاقاتهم، كلماتهم، كتاباتهم أو ممن يطرحون أنفسهم على أنهم مناصرون للطغيان". خلال تسعة أشهر من الإرهاب حُكم رسمياً على (16) ألف شخص بالموت، من ضمنهم الجيرونديون (وهم المنتمون إلى الحزب الجمهوري المعتدل، أحد أكبر الأحزاب السياسية خلال الثورة الفرنسية)، وكذلك جاك بريسو، عدو روبسبير اللدود، الذي اتهم عام 1791 روبسبير بإثارة الحروب.
كان يهدف من وراء هذا القانون الإطاحة بكل من يرفع رأسه معارضا إياه، أو مخالفا أفكاره
خشي أعضاء المؤتمر الذين وعوا دروس المقصلة جيدا.. خشوا علي أنفسهم ولذا دبرت مؤامرة ضد (روبسبير) وأعوانه، واتفق كل من (باراس دتاليان) متزعمين المؤامرة وهما من رجال الثورة اللذين كانا خائفين علي ما يفعله (روبسبير) ومن معه، لذلك عزما علي التخلص من هذا الطاغية.
ومن ثم جهزا قوة عسكرية واقتحما بها دار البلدية التي كان بها روبسبير يحاول تبرير جرائمه وتدبير جرائم جديدة.
ونجحت إحدي الرصاصات التي أطلقت عليه في أن تصيب فكه، واقتيد مع مائة من أتباعه وهو يقطر دما . إلي المقصلة، كي يذوق نفس الكأس التي أذاقها الكثير من فرائسه. وأعدموهم جميعهم
عربة خشبية نقلت الرجل المكسر بين الجموع بإتجاه منصة عالية منصوبة عليها شفرة غلوتين كان يستعملها روبسبير لإعدام الناس , والآن جاء دوره ليعدم عليها .
كان يرتدي معطفا أزرقا سماويا وجواريب من الحرير , وكانا الزي الرسمي في ذلك الوقت , لكن معطفه كان ملطخا بالدماء ووجهه ملفوفا بضمادات قذرة , ففي الليلة السابقة وأثناء إعتقاله كان قد أصيب في فكه بطلق ناري , وربما هو من حاول أن ينتحر ولم يفلح . هذه الطلقة شوهت وجهه تماما . لكن الجموع في الشوارع تعرف من هو , ومن كل الإتجاهات علت الهتافات ضده . لكنه لم يبد أي عاطفة في حين كانت الناس تتقاتل من أجل رؤية إعدامه
بالضمادات كانت تغطي أغلب وجهه والنظرة المبهمة في عينيه .
Sources:
No comments:
Post a Comment